Ma Médiation

يترأس المكتب وسطاء ومحكمين مصرحين لدى محاكم المملكة المغربية

الوساطة

الوساطة:

تشكل الوساطة إحدى الآليات الفعّالة في حل النزاعات وتحقيق التفاهم بين الأطراف المتنازعة. إنها عملية تفاوضية تعتمد على وجود طرف ثالث محايد، يُعرف بالوسيط، يسعى إلى تيسير التواصل والوصول إلى حلول مقبولة للجميع. تشمل الوساطة مجموعة واسعة من المجالات، مثل القانونية، الأسرية، العمل، والتجارية.
يكمن دور الوساطة في:
تحفيز التواصل البناء: تسهم الوساطة في تحسين جودة التواصل بين الأطراف المتنازعة، مما يعزز فهمهم المتبادل ويخلق بيئة إيجابية للحوار.
تسهيل التسوية: يمكن تسوية النزاع بشكل أسرع وأكثر فعالية، حيث يعمل الوسيط على توجيه الأطراف نحو حلول تلبي احتياجاتهم وتطلعاتهم.
المرونة والسرية: تعتمد الوساطة على المرونة والسرية، مما يتيح للأطراف التفاوض بحرية ودون مخاوف من الكشف العلني للنزاع.
تعزيز العلاقات: يسهم نجاح الوساطة في تعزيز العلاقات بين الأطراف، حيث يتم تشجيعهم على التعاون لتحقيق حلول مشتركة.
توفير الوقت والتكلفة: بالمقارنة مع الإجراءات القانونية التقليدية، تعد الوساطة عملية أكثر سرعة وتوفيرًا للتكاليف، حيث يمكن حل النزاع بشكل أسرع وبتكلفة أقل.
تعزيز ثقافة التسامح والتعاون: تسهم الوساطة في تعزيز ثقافة التسامح والتعاون في المجتمع.
تخفيف العبء عن المحاكم الوطنية: تساهم الوساطة في تخفيف كاهل المحاكم المغربية نظرا لكثرة القضايا المعروضة عليها، نظرا لما يتميز به من سرعة في البث في القضايا وربح الوقت.
وفي إطار التطور القانوني والاقتصادي بالمغرب، يشهد نظام الوساطة تقدمًا ملموسًا كأداة حديثة وفعّالة لحل المنازعات بين الأطراف. حيث تعتبر جزءًا لا يتجزأ من البنية القانونية والاقتصادية للمغرب، وتلعب دورًا حيويًا في خلق بيئة سلمية وتحقيق التواصل الفعّال بين الأفراد والمؤسسات.
وتكمن أهمية هذه الالية بتزايد اهتمام السلطات والمجتمع المدني بالوساطة كوسيلة فعالة لحل المنازعات. وقد أُقيمت مراكز ومؤسسات متخصصة في تقديم خدمات الوساطة، سواء في المجالات الأسرية، التجارية، أو الاجتماعية.
ومن خلال ما سبق يمكننا القول على ان الوساطة في المغرب تعد أداة قيمة لحل النزاعات وتعزيز التواصل الفعّال بين الأفراد والمجتمعات. يتعين على المجتمع المغربي تعزيز ثقافة الوساطة وتشجيع الأطراف على اللجوء إليها كوسيلة فعّالة على الرغم من فعالية الوساطة، تواجهها بعض التحديات مثل ضرورة توعية الجمهور بفوائدها، وتطوير معايير مهنية للوسطاء. يتعين أيضًا تعزيز التشريعات التي تدعم الوساطة وتضمن تنظيمًا فعّالًا لها والحث على اللجوء اليها وجعلها مسطرة أولية لفض النازع قبل للجوء الى القضاء الرسمي.

قانون 95.17

مواكبتا لكل التحولات الاقتصادية التي شهدها المغرب، وما صاحبها من ازدهار للتجارة الدولية، خاصة بعد توقيع اتفاقية مراكش التي كانت وراء ميلاد” منظمة التجارة العالمية” هذه الاتفاقية جاءت بملحق خاص بمجال التحكيم كان تحت عنوان” تفاهم بشأن القواعد والإجراءات التي تحكم تسوية المنازعات عن طريق التحكيم والتوفيق والوساطة”، دون أن ننسى الخطاب الملكي السامي لسنة 2003 الذي أكد على ضرورة الإعداد السريع لمشروع قانون التحكيم التجاري الوطني والدولي. 
كل هذه الأسباب حثث على ضرورة تعديل المقتضيات القانونية المنظمة للتحكيم في قانون المسطرة المدنية بسن قواعد جديدة تنظم التحكيم والوساطة الاتفاقية، فصدر القانون رقم 95.17 الذي يتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية يوم 24 ماي 2022.
فهذا القانون وزعت مقتضياته على 104 مادة وثلاثة أقسام.

القسم الأول خصص للتحكيم: وذلك من المواد1 إلى 85

الباب الأول تطرق فيه المشرع إلى التعريف والقواعد العامة في المواد من 1 إلى 17؛
الباب الثاني خصص للتحكيم الداخلي وذلك في المواد 18 إلى 68 وقسم بدوره إلى فصلين:
أ- الفصل الأول تناول فيه المشرع الحديث عن الهيئة التحكيمية في المواد من 18 إلى 48 وقسم هذا الفصل إلى ثلاثة فروع، الفرع الأول خصص لتشكيل الهيأة التحكيمية وذلك في المواد من 18 إلى 21، والفرع الثاني خصص لموضوع تجريح الهيأة التحكيمية وذلك في المواد من 22 إلى 29، والفرع الثالث تناول فيه المشرع الإجراءات والطلبات العارضة في المواد من 30 إلى 48، والفصل الثاني تناول فيه المشرع للتحكيم الدولي في المواد من 69 إلى 85.

القسم الثاني خصص للوساطة الاتفاقية وذلك في المواد من 86 إلى 100،

تعين الوسيط من اجل ابرام الصلح المادة 86.
تفاق الوساطة من المادة 87-90
شرط الوساطة من المادة 91- 93
تحديد مدة مهمة الوسيط المادة 94 «3 أشهر مع إمكانية التمديد مرة واحدة »
شروط الواجب توفرها في الوسيط من المادة 95-98
تحرير محضر الصلح من المادة 99-100

القسم الثالث خصص لأحكام متفرقة من المواد من 101 إلى 104.

القانون 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية بفلسفة جديدة اخدت بعين الاعتبار المتغيرات والتطورات التي عرفتها الساحة الدولية والوطنية في هذا المجال، وبعد تصفح مقتضيات هذا القانون وجدنا العديد من المستجدات مست غالبيتها مجال التحكيم بنوعيه الداخلي والدولي.
وأول هذه المستجدات هو ما تم التنصيص عليه في المادة 3 من القانون، التي أتاحت إمكانية إبرام اتفاق التحكيم بواسطة رسالة الكترونية وفقا للقواعد المنظمة للمعاملات الالكترونية، أي ستخضع لقانون 53.05 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية.
ونصت المادة 11 من القانون انه “يجب على الأشخاص الذاتيين الذين يقومون بمهام المحكم إما بصورة منفردة او ضمن شخص اعتباري أن يكونوا مسجلين ضمن قائمة المحكمين تحدد شروط التقييد فيها بنص تنظيمي”، هذه المادة جاءت بمستجد مهم يتمثل في عدم إخضاع المحكم لرقابة أي جهة قضائية، مع ترك أمر تحديد لائحة المحكمين لنص تنظيمي.
وانسجاما مع القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة الذي نص على إحداث أقسام متخصصة بالقضاء الإداري والقضاء التجاري داخل المحاكم الابتدائية، وبهدف توحيد جهة الاختصاص المانحة للصيغة التنفيذية في رئيس المحكمة بحسب اختصاصه تم التنصيص في المادة 66 من القانون على منح الاختصاص بإضفاء الصيغة التنفيذية على المحاكم التحكيمية في المادة الإدارية لرئيس المحكمة الإدارية او رئيس القسم المتخصص في القضاء الإداري بالمحكمة الابتدائية التي سيتم تنفيذ الحكم التحكيمي الداخلي في دائرتها، او لرئيس المحكمة الإدارية بالرباط عندما يكون تنفيذ الحكم التحكيمي يشمل مجموع التراب الوطني، وحسب المادة 77 من القانون فقد تم منح اختصاص إضفاء الصيغة التنفيذية على الأحكام التحكيمية الدولية الصادرة في المغرب لرئيس المحكمة التجارية او رئيس القسم المتخصص في القضاء التجاري بالمحكمة الابتدائية التي صدرت في دائرة نفوذها تلك الأحكام، وإذا كان الحكم التحكيمي الدولي قد صدر خارج المملكة انعقد هذا الاختصاص لرئيس المحكمة التجارية او لرئيس القسم المتخصص في القضاء التجاري بالمحكمة الابتدائية التابعة لدائرة نفوذها مكان التنفيذ.
فبحسب المادة 35 من القانون اعطى صلاحيات للهيئة التحكيمية على مطالبة الاغيار بتقديم أصل الوثائق الموجودة بحوزتهم والتي يستند إليها أحد الأطراف، وفي حالة الامتناع تعرض الهيئة التحكيمية الموضوع على رئيس المحكمة المختصة او رئيس القسم المتخصص بالمحكمة الابتدائية استصدار أمر في إطار مسطرة تواجهية يلزم الطرف المعني بتسليم المستندات والوثائق المطلوبة لهيئة التحكيم تحت طائلة غرامة تهديدية.
ونظرا للإشكالية المطروحة بخصوص التبليغ وخاصة في التحكيم الدولي تم التنصيص في المادة 60 من المشروع على إمكانية تبليغ الحكم التحكيمي الصادر بالمملكة في مادة التحكيم الدولي بجميع الوسائل بما فيها التبليغ الالكتروني.
تخويل الرئيس الأول لمحكمة ثاني درجة اختصاص منح الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي إذا كان النزاع معروضا عليها واتفق الأطراف على اللجوء إلى التحكيم وتطبيق القواعد المتعلقة بالتنفيذ المعجل للأحكام القضائية على الأحكام التحكيمية التي لا تطلب فيها صيغة التنفيذ، كما تم تبني خيار توسيع المعايير الدولية في مجال التحكيم.
فكل هذه المقتضبات الجديدة المنصوص عليها في قانون 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية يهدف من خلالها المشرع تجاوز المشاكل والاكراهات الواقعية والقانونية و جعل التحكيم و الوساطة الاتفاقية حلول بديلة للتقاضي بدل القضاء الرسمي من خلال ما تتميز به هذه الوسائل من سرعة، سرية، مرونة، ربح الوقت و قلة التكلفة مما قد تساهم في جلب الاستثمارات الأجنبية التي تعتمد في معاملاتها التجارية على الوساطة و التحكيم لحل منازعاتها.